http://sharawy.net/vb/

Visitors since14 Decemder 2011

الأحد، أبريل 11، 2010

احمد حلمى فى جريدة الدستور بعنوان عصيدة عمصاء

مقالة الفنان احمد حلمى فى جريدة الدستور الثلاثاء
2010-03-09
بعنوان عصيدة عمصاء




محتار أكتب عن إيه؟.. لا أنا مش محتار أكتب عن إيه.. أنا محتار أكتب إيه أساسا! مفيش في دماغي أي حاجه أكتب عنها.. حاسس إن دماغي عاملة زي ما تكون أنبوبة غاز قاطعة النفس ومافيهاش ولا نقطة غاز.. قلبتها يمين وشمال ونيمتها علي جنبها وعلي ظهرها وبطنها.. جايز ألاقي فيها شوية كلام مكنونين في القعر يعملولي حتي سطر ولا سطرين يساعدوني في اللي هاكتبه، واللي أنا لسه لحد دلوقتي مش عارف هو إيه.. أصعب حاجة إن الواحد دماغه تبقي عاملة زي الأنبوبة كده.. تتفاجأ بأنها منفسة وفاضية بدون تمهيد أو سابق إنذار.. يا بختهم اللي عندهم غاز طبيعي!


أكتب عن إيه؟ بس.. لاقيتها.. أنا هاكتب شعر.. أو هاجرب أكتب شعر.. بس يا تري أي نوع من أنواع الشعر.. عامي ولا حر ولا نثر ولا جاهلي!.. أنا أكتب شعر حر علشان أبقي حر ومش متقيد ومرحرح كده وفاكك، وكل اللي ييجي في دماغي الفاضية دي أكتبه.. أنا هاكتب قصيدة.. أو بمعني أكثر صراحة هاكتب عصيدة.. وأتمني ألا يقرأ هذه العصيدة أي شخص له علاقة بالشعر من قريب أو من بعيد، حتي لا يتأذي من الحرية المطلقة والمجردة من كل بحور الشعر أو مدارسه أو قوافيه أو تفعيلاته التي سوف أبتعد عنها كابتعادي عن المطبات الصناعية في الشوارع.. ليس لأنني سأسلك مدرسة جديدة في الشعر، ولكن لجهلي بها.. أعتذر كل الاعتذار عما سيبدر مني وعما سأرتكبه في حق الشعر والشعراء.. أعتذر لأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وجبران خليل جبران وأبو العلاء المعري وصلاح عبد الصبور والأبنودي وسيد حجاب وأمل دنقل وأحمد مطر ومحمود درويش وصلاح جاهين وبهاء جاهين وبهاء الدين محمد وأيمن بهجت قمر وإسلام خليل وبلحة العربي وزقلة المدرب.. أعتذر لكل إنسان ليس فقط يكتب أو يقرأ الشعر، بل حتي لو كان يادوب بيكتب اسمه.. أعتذر للكلام نفسه لأنني اغتصبته وأخرجته من تراصه فوق السطور بشكل طبيعي، وليس هذا فحسب، بل إنني حاولت انتهاك حقوقه ولي حروفه حتي أنظمها بشكل زجلي أو نثري.. أعتذر له عن هذا النثر الذي سأنثر مفرداته وأهدر نقاطها.. ومن المؤكد أنه كان سيأبي أن تنثر.. وأعتذر أيضا للكلمات التي سأخدعها وأوهمها أنني سأصنع منها شعرا عظيما متناسقا منظوما، ولن يكون إلا شعرا يشعرها بحجم الكذبة التي سأكذبها عليها.. ولو حاولت الحروف أن تتملص من القلم هربا من عشوائية شعري أو سذاجة أو ركاكة معانيه، سأغلق عليها القلم حتي لا تهرب.. وبالرغم من اعترافي الكامل بجريمتي الشعرية التي سأرتكبها في حق الشعر والشعراء والأدب والأدباء، واعترافي أن ما سأقوم به نوع من أنوع قلة الأدب، وبالرغم من أنني مازالت أمامي الفرصة للتراجع أو محو كل الأدلة التي ستدينني، بألا أرسل هذا المقال لكي لا ينشر، وأرسل غيره، ولكنني لن أكذب عليكم وأخبركم أن الوقت أصبح ضيقا علي كتابة مقال آخر.. أصبح الوقت ضيقا، ولكنني - مع ذلك - أملك غيرها جاهزا للنشر.. لقد بدأت كلامي معكم قائلا إنني أشعر بأن رأسي أشبه بأنبوبة غاز فارغة، ولكنني وجدتها مليئة، وأرجوكم أن تتوخوا الحذر حتي لا تنفجر في وجوهكم أثناء قراءة هذا الشعر الغازي الخانق.. وإليكم هذه العصيدة العمصاء التي وإن دلت علي أي معان، فستكون معان غير مقصودة، وربما مقصودة بدون قصد! وليكن هذا هو اسم العصيدة: «مقصودة بدون قصد»، فلنبدأ التلييف.. عفوا.. محاولات التأليف:


مقصودة بدون قصد..


مرصودة كل الرصد..


مكتوبة عن عمد..


عمرها من زمن مد..


مبحوحة من غير بح..


مدبوحة من غير سح..


منقوطة من غير نقط..


مغلوطة من غير غلط..


صعبان عليا حالك اللي اتقلب..


مسكين بجد تاريخك اللي اكتأب..


ميمك.. مالت من تقل همها..


نشيدك اتبدل بكلام غمها..


صادك.. صياد مشهور بالأسر..


روحك راحت في لحظة غدر..


راءك.. راقدة بلا قومة..


مش سامع عليكي لا صويتة ولا زووومة..


علمك ما بيرفرفش..


هواكي ما بيطيرش..


صعبان عليا حالك اللي اتقلب..


مسكين بجد تاريخك اللي اكتأب..


شايك ليه خشب وقهوتك بقت سادة..


عيشك بقي حطب وملحك زاد بزيادة..


أهلك؟.. مفتكرش.. دول غلابة وطينهم يابس..


ضحكهم مدفون في وشهم يائس..


مال عيالك كده كبروا قبل أوانهم بكتير..


وأما سألنا عن السبب.. حلفولنا إن ده تغيير..


العجز في وشوش شبابك بقّع..


والبكا في عيون عواجيزك برطع..


زمنك مارد بوش بارد منك مابينكسفش..


تميليه مهما يميل مابيتكسرش..


صعبان عليا حالك اللي اتقلب..


مسكين بجد تاريخك اللي اكتأب


يا خسارة ماضيك اللي اتكتب


خيرك ضاع وغيرك كسب..


واللي يحبك عاش كسبان مات بعد ما اتغلب..


جمالك بقي بس.. اسم


اتنقل من اسم لاسم..


لسانك فقد النطق


صراخك مرار في البق


نهارك من سكانك خاف واستخبي ورا السور..


ليلك من سرّاقك كره نفسه وبضلمته بقي مضرور..


العمي فينا بقي نعمة البصر.. والحكم بينا بالظلم انتشر..


شبابك العجز بقي فخرهم.. ومن حقهم


لكن بعد التحري أتسجن حلمهم..


إحنا شعب الأرض.. إحنا دم العرض


حتي لو فرضوا الموت علينا فرض..


الخرس بقي صوت الجرس.. والحمار ركب الفرس..


صعبان عليا حالك اللي اتقلب..


مسكين بجد تاريخك اللي اكتأب..


الإيد خايفه من السلام..


والبطن مبيشبعهاش كلام..


والدفا في البرد عمره ما ينام


الشفا للمرض بقي زي حب الملاك للشيطان


الفقر من كتر فقره اتقلب بلطجة


مليون تترمي في سهرة.. وعند الفقير البريزة معصلجة


الجهل في الفصول عشش.. والمخ في دماغ العيال مشش


الكبد تلف من كل حتة.. والطحال راكب له جلدة


القلب عايزله زقة والمعدة حيطانها لازقة


سرطان هد الجتة.. كبير صغير مش فارقة


تبرعات.. حسابات وحسابات


صرف أدويه بالألفات.. وإن معكش في بيتكوا تبات


وإن عيطت يبقي خلاص.. زيك زي اللي قبلك فات ومات


يا تدفع يا تمشي من سكات


وإن إداك فرصة هايسبقها بصلي علي النبي.. عليه أفضل الصلوات


عليه الصلاة والسلام.. فرصتي لحد فين


النهاردة الاتنين.. معاك لحد يوم التلات..


يا تدفع يا تبيع عيالك أو اكفر بمصيبة ربنا كتبهالك


صعبان عليا حالك اللي أتقلب..


مسكين بجد تاريخك اللي اكتأب..


عارف لما تشوف الصبح بيطلع.. وإنت قاعد..


لما تلاقي قلبك بيدق وإنت بارد..


أو تنام وأنت شارد.. وتجري وأنت واقف.. وتبكي وأنت ساكت..


عارف لما عنيك تشوف جوه ناس.. وتحس بإحساس..


عارف لما تبقي كل حاجه غلط صح.. وكل حلال حرام


المية تبقي نار والنار يبقي مطر


عارف لما تسكت وجواك مليان كلام.. وتتكلم وأنت مش طايق الكلام


تشوف الكدب من العنين باظظ


وإن اتكلمت هاتبقي عنيك بتشوف مش زي ما انت باصص..


تمشي مش زي ما أنت رايح..


تتمني تموت وأنت عايش..


أو تعيش بس مش علي الهامش..


لما تحس إنك نصين لحاجة واحده.. بس مش بتوع بعض..


نص برق والتاني رعد


لما الأوتار تعور السمسمية


والدم يبقي مية..


صعبان عليا حالك اللي اتقلب


مسكين بجد تاريخك اللي اكتأب..


شويه حريفة وشوية حرفجية.. شاطرين.. بس في الفورياجية


عارف ولا مش عارف..


تفتكر في كام واحد عارف إنه مش عارف..


وكام واحد عارف إنه عارف..


وكام واحد مش عارف إنه مش عارف..


وكام واحد مش عارف إنه عارف..


أهم حاجة إن سمير صبري عارف إنه.. سكر حلوة الدنيا سكر..


صعبان عليا حالك اللي اتقلب..


مسكين بجد تاريخك اللي اكتأب..


إحنا جواكي مسافرين وشوقنا للرجوع مكابر..


لا جوعنا شبع ولا حزننا فرح ولا مرضنا خف..


الجوع أفندي أتجوز ست الحزن.. وبكفن مرضهم اتلف..


أنا بس عايز حد يفهمنا.. هو إحنا مفروضين عليكوا ولا حاجة..


ربنا يكفيكوا شر مرض الحاجة..


عارفة إيه اللي موتنا.. الحاجة..


الحاجة أصعب حاجة..


الحاجة لحرف وسط كلمة مش عايزة تكمل..


الحاجة لصوت ميت جوة حلق مش عايز يطلع..


الحاجة لروح زهقانة من صاحبها ومش عارفة تطلع..


الحاجة لودن مرة تسمع..


الحاجة لقلب نفسه يخشع..


الحاجة لضمير ميكونش مُقنع..


ربنا يكفينا ويكفيك شر الحاجة..


قولنا نمشي لو مش عايزنا في حاجة..


انتهت العصيدة..


اعترف لكم إنني أحببت الشعر وكتابته.. ولن تكون هذه هي المرة الأخيرة لكتابة عصائد شعرية.. وأتمني ألا تكون هذه هي المرة الأخيرة التي تشترون فيها الجريدة.. وأخيرا وليس آخرا وبقدر اعتذاري المسبق عما كتبته.. بقدر تأكدي البالغ العاقل الحر بأنني شعرت بكل كلمة كتبتها في «قصيده بدون قصد».. في النهاية أدعو الله ألا يخرج وحي الإبداع والتأليف الخاص بتأليف الروايات من بيت إبراهيم عيسي أبدا، حتي يظل هكذا متفرغا لتأليف الروايات.. فينشر مقالي في الصفحة الأخيرة.. وربنا يكفينا دفء النشر في الصفحات الجوانية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق