http://sharawy.net/vb/

Visitors since14 Decemder 2011

الأحد، نوفمبر 29، 2009

" الفـصــــــل الثـالــــــــث"
وسارت تشق طريقها في الظلام وفي عتمة الصحراء، وكلما سارت خطوة شعر فارس بأن روحه تبتعد عن جسده، وأختفت ياسمين المرأة الغامضة، ود فارس لوأنه يقفز من السيارة ليلحق بها ولكن الخوف كان يمنعه، فهو لا يعي حقيقة ما يجري وسرعان ما أفاق فارس من ذهولهِ ليشعر بخوف أكبر ممزوج بالحزن والأسى والإحباط خوفاً من هذه المرأة الغامضة التي تعلقت روحه بها بصورة غريبة وبقوة لم يعهدها من قبل، وخوفه أن لا تعود من جديد وأن لا يراها على الرغم من أنه لم يرها فعلاً . لم يعرف إلا صوتها الآتي من خلف الخمار الأسود.كان خوف فارس الأكبر من المجهول الذي تقوده إليه هذه المرأة الغامضة المسماة "ياسمين"...وفي وسط تردده وخوفه من أن يلحق بها أو لا يلحق، بدأ يسمع عواء ذئاب آت من بعيد، تعالى صوت العواء أكثر وأكثر ، إزداد صوت العواء وتكاثر وأخذ الصوت يقترب. أدار فارس محرك السيارة ليهرب من المكان بسرعة لشعوره بالخطر الذي يترقبه وصوت الذئاب يحيط به من كل جانب ...أبت السيارة أن تتحرك، وحاول مرة تلو المرة ولكن دون جدوى فمحرك السيارة لا يعمل وكأن خللا قد حل بها، وبحركة لاشعورية وسريعة أغلق فارس نوافذ السيارة وأحكم إغلاق الأبواب وأخذ يترقب وصول الذئاب إليه وهو يتساءل : هل تستطيع الذئاب كسر الزجاج والدخول الى السيارة؟ وهل سأتحول الى وجبة عشاء لذيذة للذئاب؟ وماذا سأفعل؟؟ وكيف سأتصدى لها؟؟ كم يبلغ عددها؟؟ لا بد أنها عشرات الذئاب؟ الصوت يدل على ذلك! الصوت قريب جداً وعلى بعد مترين أو ثلاثة أمتار على الأكثر!! ولكن لماذا لم تقترب من السيارة؟ لا بد أنها تعلم بأنه من الصعب إقتحام السيارة فهي ستنتظر خروجي من السيارة لأصبح لها هدفا سهلاً، يا لغباء الذئاب، هل تتوقع أن أخرج من السيارة وأقدم نفسي لها بهذه السهولة!!! وأخذ فارس يلتفت تارة الى الخلف وتارة الى الأمام، شمالاً ويميناً ليرى إن كانت الذئاب قد هجمت.وفي وسط هذا الخوف الرهيب من الموت والرعب الذي يحيط به من كل جانب تذكر (ياسمين الغامضة ) وتمتموقال: لعنه الله على" ............."الله يسامحك يا ياسمين على ما فعلت.فرك فارس عينيه وأخذ يحملق في الأفق لتعود الطمأنينة الى قلبهِ بعد أن رأى خيوط النور تشق طريقها وسط الظلام معلنة عن بدء شروق الشمس وعن الفرج القريب لخلاص فارس من "الموت " ومع إنتشار النور تلاشى صوت الذئاب التي لم يرها. نظر فارس حولهُ ليرى نفسه وسط صحراء جرداء قاحلة، وعلى مدى نظره لا يُرى أي أثر يدل على وجود حياة أو بشر. أزداد فضول فارس حول المكان الذي ذهبت إليه ياسمين، فتح باب السيارة وأخذ يسير في نفس الاتجاه الذي سارت فيه ياسمين، وبدأ يحدث نفسهويقول : لا بد أنها قريبة من هنا، فهي قالت أن المكان الذي سنذهب إليه على بعد عدة دقائق فقط .نظر فارس حوله بكل الاتجاهات وأيقن أنه لو سار عدة ساعات فلن يصل الى أي مكان، فنظر الى الأرض ورأى آثار خطواته على الرمال، فأخذ يبحث عن أي أثر لخطوات ياسمين الغامضة ولكنه لم يرى أي أثر، فقرر أن يعود الى السيارة ليصلحها ويعود الى الناصرة بعد أن يأس من وجود أي أمل يَدُلُهُ على ياسمين ذات الخمار، وفي طريقهِ الى السيارة لمح عن بعد شيئاً يثيرُ الإنتباه في وسط الرمال فسار نحوه لدقائق وما أن وصل وأقترب حتى دبت القشعريرة في جسمه فقد رأى قبراً قديماً يدل شكله على أنه موجود منذ مئات السنين، وكان لون حجارتهِ عبارة عن مزيج من الأسود والبني ولون الغبار المتراكم عليه ...فتساءل فارس بينه وبين نفسه: يا ترى ما هي حكاية هذا القبر؟ ولمن هو ؟ لماذا هو في هذا المكان بالذات ؟ لا بد أن من بناه أحتاج الى وقت طويل حتى يبنيه بهذه الطريقة البارعة؟ ولكن لماذا؟وبدأت عشرات الأسئلة تدور في ذهن فارس ولكن دون أجوبة. وبالرغم من الخوف الذي كان يراوده إلا أنه وضع يده على القبر ليتحسسه، ورفع يده التي التصق الغبار بها، وشعر فارس أن على القبر كتابة معينة فأخذ يزيل الغبار عن القبر لعله يستطيع قراءة الكلمات المكتوبة، فدبت بجسمه قشعريرة الموت والخوف حينما قرأ:أفتح القبر، لا مكان للحب والشك معاً، إما أن يقضي الحب على الشك وإما أن يقضي الشك على الحب، أفتح القبر وسترى ما يسعدك. وما أن قرأ فارس الكلمات المكتوبة على القبر حتى أخذ يهرول مسرعاً الى السيارة وهو يتمتم: يا إلهي...ماذا يوجد داخل هذا القبر ومن هو الشخص الذي دفن فيه ..ومن يكون صاحبه؟فتح فارس بوابة السيارة وأدار المفتاح وتحرك بسرعة وهو ما زال يتمتم: ياإلهي! من يكون صاحب القبر،من يكون ؟ وتذكر فارس أن السيارة التي كانت معطلة بالأمس أشتغلت الآن، وأخذت السيارة تشق طريقها بسرعة جنونية الى الناصرة. هدأ روع فارس فأبطءالسرعة وأخذ يكلم نفسه بصوت مسموع: لن أدع هذه المرأة تلعب في حياتي، أنا لم أرها ولم أسمع سوى صوتها ولا أدري من تكون. لماذا أوهمت نفسي باني أحبها؟ ولماذا أتركها تتلاعب في مصيري؟ أقسم بالله وبكل شيء عزيز بأني لا أريدها، ولهذا لن أفكر فيها حتى لو جاءت ولتكن من تكون ، فهي لا شيء ...لا شيء ...ولن أدع خيالي يصنع منها شيئاً.عادت الثقة لنفس فارس وعاد الى حياته الطبيعية ليمارس العمل والنجاح بعيداً عن الأوهام، وبالرغم من نجاح فارس في قدرته على طرد "ياسمين" المرأة ذات الخمار من عقله وافكاره ، إلا أنه أدرك أن الحياة لم تعد مثل السابق وأنه غير قادر على الخلاص من شعور الأسى والحزن لفقدانه شيئاً مهما في حياته.وأخذ يحدث نفسه قائلا: يا رب ...ما الذي يربطني بهذه المرأة الغريبة؟ هل هو الحب؟ فأنا لا أؤمن بالحب... ولن أؤمن به ...وإن كان هناك حب فلماذا لم أعرفه من قبل؟ لماذا هي ؟ فأنا أعرف عشرات الفتيات الجميلات ، لماذا هي وأنا لم ارها ولا أعرف ما هو شكلها ؟ سوداء ، بيضاء ، شقراء ، قبيحة أم جميلة ...لماذا أربط نفسي بإمرأة الخمار والقبور والجماجم والذئاب والصحراء، والخوف والجنون ..؟ لماذا؟ وما الذي يجبرني على ذلك، أي حب هذا، لا بد أنه الفضول، ولكن منذ اللحظة الأولى أشعر بهذا الشعور‘ يا إلهي هل هو الحب؟ هل الحب مجنون لهذه الدرجة، أم أنها لعنةٌ تعلقت بها لتدمر حياتي، كلا لن أدعها تدمرني ...لن أفكر فيها ...كفاني جنونا وغباءاً وضعفاً ...كفى ! سار فارس في شوارع الناصرة ، مرة يشعر بالفرح والثقة لخلاصه منها وتارة يشعر بالحزن والإحباط لفقدانه إياها ...وفجأة لمح فارس في آخر الشارع عن بعد إمرأة ترتدي السواد والخمار وتسير في الشارع مبتعدة ...خفق قلب فارس بقوة ولم يتمالك نفسه فأخذ يسير خلفها بسرعة ليلحق بها وكأن هناك قوة تقوده نحوها دون إرادته...إقترب فارس ولم تعد تفصله عنها سوى عشرة أمتار أو أقل، ودخلت ذات الخمار الى أحد المحلات التجارية في الشارع ووقف فارس ينتظر خروجها ..وبنفس اللحظة كانت هناك يد تربت على كتفه وبصوت جميل هادىء يقول له :أتقل يا مجنون ... فتلفت فارس الى الخلف نحو مصدر الصوت فرأى (ياسمين ذات الخمار الاسود ) واقفة تضحك.قال فارس: ياسمين حبيبتي، أين كنت ؟ أين اختفيت ...؟ أين ذهبت ..؟ لماذا لم تأت ...؟ أنا أحبك ولا حياة لي بدونك ...لا أستطيع أن أحيا بدون سماع صوتك أو أن أراك، مع أنني لا أرى منكِ سوى الخمار ...أرجوك أرحميني.قالت ياسمين ذات الخمار: فارس لماذا تسير خلف هذه المرأة، من أين تعرفها، وماذا تريد منها؟ أنت كاذب أنت لا تحبني وإن كنت تحبني فلماذا تسير خلف إمرأة اخرى.قال فارس: ياسمين، حبيبي أعتقدت أنها أنت، خاصةً وأنها تشبهك في الأسود والخمار.قالت ياسمين: لا يا حبيبي، أنا أحلى منها بكثير، وش جاب لجاب، أنا يا حبيبي ما في واحدة أحلى مني. قال فارس: ياسمين بدك تجننيني، أنالا شايفك ولا شايفها، هو في حد يقدر يشوف من تحت العبايه والخمار، أنا يا دوب سامع صوتك، فكيف بدي أعرف إن كنت أحلى منها ولا هي أحلى منك؟ يالله إن كنت واثقة من جمالك إرفعي الخمار عشان أشوفك .ضحكت ياسمين وقالت: أنا موافقة على رفع الخمار، وهلا بتشوف أني أحلى من كل بنات الناصرة وأحلى من البنت اللي أنت لاحقها كمان، بس بشرط بالأول بتنادي عليها وبتخليهاترفع الخماروبتشوفها، تفضل أدخل المحل وراها وشوفها.قال فارس: شوالقصة بهذه البساطة، بدك أدخل وأقول لواحدة متدينة بالله أرفعي الخمار، علشان أشوف وجهك. شو المناسبة ، ولا بدك أتبهدل ؟قالت ياسمين: شو هي أحسن مني، شو بتفكرني ...فقال: حبيبتي أنا بحبك ومن حقي أشوفك، أما هي ما بتهمني، ليش أشوفها.فقالت: لقد قلت لك أني جميلة جداً، والله العظيم أنا حلوة كثير، بدك أوصفلك نفسي.أنا شعري طويل وناعم، وعيوني واسعة، وبشرتي ....................... قاطعها فارس وقال: ياسمين أنا ما بيهمني إن كنت جميلة ولا لأ، وعلى فكرة ما فّي واحدة بتقول عن حالها مش حلوة. فقالت: أنا حلوة، صدقني وما تستعجل الأمور، وستفخر بي فأنا عندما رأيتك لأول مرة قررت أن أختار نفسي زوجة لك ولا أنت مش واثق بذوقي.ضحك فارس بصوتٍ عالٍ وقالَ ساخراً: أنتِ أخترتِ نفسك زوجةً لي، جميل أنا موافق ...هيا بنا إذن نتزوج... فقالت: لكن يجب أن تصبر بضعة أسابيع حتى أنهي بعض المشاكل العائلية ومن ثم نتزوج فوراً إن وافق أهلي أو لم يوافقوا ولكن الأهم من ذلك يجب أن أتاكد بأنك تحبني فعلاً ...والآن هيا تعال أوصلني ... فقال فارس ساخراً: والى أين هذه المرة تريدين أن أوصلك، الى صحراء سيناء أم الى جنوب لبنان ؟ فقالت ياسمين بنبرة حزينة: آسفة، أنا آسفة إني طلبت منك توصلني. وسارت مسرعة وأختفت وسط الزحام وفارس خلفها يناديها ولكنه لم يستطع اللحاق بها ...عاد فارس سائراً الى سيارته وهو حزين وخائف من أن تكون ياسمين قد غضبت وأن لا تعود من جديد. جلس فارس في سيارته وهو لا يدري ماذا يفعل وفي لحظة رأى ياسمين ذات الخمار تقترب من السيارة وتقول له:أنا آسفة إني دخلت في حياتك، خلاص هذه آخر مرة تشوفني فيها. وهمت ياسمين بالذهاب لولا أن فارس أمسك بها وأصر على أن تركب السيارة، وقال لها: حبيبتي أنا بمزح معك لا أكثر، والله لو طلبت مني أوصلك الى أخر نقطة في العالم لفعلت، فلا تكوني مزاجية لهذه الدرجة ...والآن أين تريدين أن أوصلك ؟ فهزت المرأة الغامضة رأسها وقالت: أوصلني الى طبريا . فتحرك فارس بإتجاه طبريا وقال لها: ياسمين ما حكاية تحركك من مكان الى آخر وفي أوقات مختلفة وما حكاية القبور والجماجم؟فقالت غاضبة: أية قبور، وما دخلي أنا بالقبور، وعن أية جماجم تتكلم، أين هي الجماجم ؟فمد فارس يده الى جيب السيارة وفتحه وأخرج منه الجمجمة الصغيرة أنا أتحدث عن هذه الجمجمة وعن الجمجمة الأخرى التي تحملينها بيدك وأقصد بالقبور القبر الذي ذهبت إليه في الصحراء ...أم تراك نسيتي؟قالت ياسمين: أنت مجنون أي قبر في الصحراء؟ أنا لم أذهب الى أي قبر. شوأنت بتفكرني، ألم أطلب منك أن تاتي معي لترى أين أسكن ولكنك خِفتَ وتركتني أسير وحدي، وهذه ليست جمجمة أنظر إليها، إنها مجرد حجر يجلب الحظ.فقال فارس: كلا يا حبيبتي إنها جمجمة صغيرة، إما أن تكون لطفل صغير حديث الولادة أو لشيء آخر لا أدري ما هو !!فقالت: إن كنت مصراً على أنها جمجمة فليكن ذلك. إنها تجلب الحظ ، أنظر إليها أليست جميلة؟ لماذا أنت خائف؟ هل تخاف من حجر أو كما تقول من جمجمة؟ دعها معك وستجلب لك الحظ السعيد صدقني يا فارس... فقال: ياسمين ما هو السر الذي تخفينه خلف هذا الخمار، من أين أنت ومن أنت؟فقالت: لماذا أنت خائف؟ أنت تحبني وأنا أحبك. فماذا يهمك من أكون ومن أين أنا؟ لقد قلت لك ستعرف كل شيء في الوقت المناسب، وإن كنت في عجلة لمعرفة من أكون فاقض على خوفك وستعرف كل شيء متى شئت، وكل ما أستطيع أن أقوله لك أن أسمي ياسمين وأنا جميلة، جميلة جداً وإن أردت أن ترى صورتي، أبحث عني في حلمك القديم ... فقال: عن أي حلم تتحدثين ؟ فقالت: أنت تعرف ماذا اقصد، لا تهرب من الحقيقة والآن أوقف السيارة هنا وأنتظرني ولا تذهب حتى أعود بعد خمس دقائق، ساعود .خرجت ياسمين مسرعة وأختفت بين المباني في شوارع طبريا وأكثر ما لفت إنتباه فارس أنها تسير بين الناس دون أن يكترث بها أحد، بالرغم من ملابسها الغريبة والخمار الملفت للأنتباه، فنادراً ما يُرى هذا اللباس الغريب في شوارع طبريا التي معظم سكانها من اليهود.مرت دقائق وساعات ولم تعد المرأة الغامضة وفارس ما زال ينتظر وقد جن جنونه وخرج من السيارة وأخذ يبحث عنها في الشوارع حتى وصل الى أحد الشوارع وكانت بجانبه مقبرة فقال في نفسه: مثل هذه المجنونة الغريبة ليس من المستبعد أن تكون في هذه المقبرة، فقرر فارس أن يدخل المقبرة بعد أن تغلب على خوفه، فدخل وبدأ يسير بين القبور حتى رأى قبراً قديما كأنه نفس القبر الذي رآه في الصحراء من قبل.دفع الفضول فارس للأتراب من القبر وأذ يزيل الغبار الذي تراكم عليه منذ زمن لعلهُ يقرأ أسم صاحب القبر وقد كتب عليه، دفن هنا أبن".........." عام (1790)، والكلمات الأخرى قد مسحت مع الوقت وفي وسط القبر كتب بلغة عربية منقوشة على الحجرهذه الكلمات:-يــا زائــري لا تخف وأنت تنظر قبـــــــري يــا زائــري أنـــا قـدرك وأنت قــــــــــدرييــا زائــري أنـــا منـك وأنت منـــــــــــــــي يــا زائـري أحفر التراب ولا تتركني وحدييــا زائــري أغلــق قبــرك بفتـح قبـــــــري يــا زائــري أفتــح القبر فأنت مخلصـــــــي.
........................................................................................
والى اللقاء في الفصل الرابع بمشيئة الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق